Actualités
Centre de langue et de civilisation arabes

التعبيرات اللغوية الجديدة في العالم العربي: من الهامش إلى المتن

التعبيرات اللغوية الجديدة في العالم العربي: من الهامش إلى المتن
الجلسة الأولى من المؤتمر

 خلّف عقد الاحتجاجات والثورات في العالم العربي تحرراً للتعبير على نطاق واسع.

وتم استبدال اللغة السياسية التقليدية بلغة عفوية يطالب بها الشارع.

من المغرب العربي إلى المشرق، ومن الثورة التونسية إلى احتجاجات أكتوبر عام 2019 في لبنان،

مروراً بالحراك الجزائري، تعابير لغوية جديدة حاول المؤتمر تسليط الضوء عليها وتحليلها.

Partager la page

التعبيرات اللغوية الجديدة في العالم العربي: من الهامش إلى المتن

 

نظّم مركز اللغة والحضارة العربية في معهد العالم العربي على مدى يومين مؤتمراً حول التعبيرات اللغوية الجديدة التي تشغل المجال العام في الدول العربية التي شهدت انتفاضات وثورات شعبية في العقد المنصرم، ونسّق اعماله كلّ من الأستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور نادر سراج ومديرة المركز نسرين الزهر، وقدّم له الباحث الأنثروبولوجي الفرنسي فرانك مرميه.

وتركّز البحث في خلال أعمال المؤتمر على الخطاب الهامشي كمطوّر للغة ومحرّك للثورة، وعلى الراوي المعاصر واللغة الأدبية الهامشية. وبدا للحاضرين خلال هذين اليومين من الندوة أن اللسانيين الاجتماعيين العرب يحتفون من جديد بالحقل والميدان الرصدي، بعيداً عن الأدوات التنظيرية المجردة غير المرتبطة بالشارع.

 

د. الحاج سليمان

في مداخلتها في الجلسة الأولى من المؤتمر، رأت أستاذة القانون في الجامعة اللبنانية الدكتورة عزّة الحاج سليمان أن خطاب الشارع اللبناني المنتفض عام 2019 وتعابيره اللغوية انقسم بين سرديتين اجتماعيتين واقتصاديتين تعكسان تيارين فلسفيين في النظرة إلى الدولة والمجال العام، وحال هذا الانقسام مع ضعف أطر المحاسبة الديمقراطية والقضائية دون إيجاد أرضيات ولغة مشتركة تؤدّي إلى توحّد الفئات المهمّشة التي باتت تشكّل الأكثرية الساحقة في المجتمع، في سبيل دفع "النخبة" السياسية المتحجّجة بشرعيتها القانونية على تعديل أجندتها وتحقيق مطالب هذه الفئات من أجل استعادة مشروعية حكمها.

ورأت الحاج سليمان أن أركان السلطة في لبنان منحازون إلى مصالح الشركات الكبرى المتمثّلة بالمصارف، ولهم تعابيرهم الخاصة البعيدة عن انتظارات الفئات المتضرّرة من الانهيار الاقتصادي والنقدي، في حين أن انقسام الشارع كان بين فئة لا زالت نظرتها إلى المجال العام كلاسيكية، وتنتظر من الدولة أن تكون دولة رعاية تمدّها بالمساعدات، وفئة ثانية، تُصنّف في خانة التفكير النيو ليبرالي، وهي متأثّرة بتيارات المجتمع المدني الحديثة، وتطالب بـ"الحوكمة الرشيدة"، وبصناعة قرار وتشريعات مرنة تأخذ تسعى إلى "التنمية المستدامة" وحفظ "حقوق الأجيال القادمة" في الثروة والبيئة.

د. برهوم

أستاذ اللغة العربية في الجامعة الهاشمية في الأردن الدكتور عيسى عودة برهوم نقل من جهته، تجربته في دراسة لغة المهمّشين المكتوبة على الشاحنات والجدران وطاولات المدارس وأبواب الحمّامات العامة من زاوية التحليل النفسي. وسجّل ملاحظات عامة عدّة أبرزها سيطرة الخطاب الديني والتعبيرات العاطفية والجنسية على السواد الأعظم من المكتوب، لافتاً إلى اقتصار عبارات التمرّد السياسي على انتقاد شخصيات متهمة بالفساد في الأردن دون رأس هرم النظام. ومن ملاحظاته عن المكتوب، تعبير فئتي المجتمع الأردني - ذوي الأصول الشرق الأردنية وذوي الأصول الفلسطينية - عن انتمائهم عبر الجداريات الداعمة للفرق الرياضية، وطغيان اللغة المعبّرة عن الانتماء العشائري والمناطقي على تلك المعبّرة عن الوطنيّة.

وخلص برهوم إلى أن هذه اللغة تعبّر عن الحركة الحقيقية للمجتمع بخلاف اللغة المركزية المنمّقة والمأطّرة، مشيراً إلى أنها في غالب الأمر تنمّ عن حزن وحاجة إلى إثبات الذات امام الإقصاء، وقهر سياسي، طبقي، جهويّ وجنسي، مؤكداً تحاشي "لغة الهامش" التعرّض للمحرّم الملكي بسبب طبيعة المجتمع المحافظ "سلطوياً" والتوافق العام على مشروعية الملكية.

د. علوي

وفي ختام الجلسة الأولى، شخّص مدير معهد تونس للترجمة الدكتور توفيق علوي شكل لغة الجداريات ومضمونها في تونس عقب ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي، ورأى أنها في الشكل تعبّر عن التمرّد والاحتجاج لأنها تستخدم المجال العام لغير غايته، وفيها تنسّك عن التوقيع الفردي خدمة للرسالة الجماعية التي تريد ايصالها، وخوفاً من الملاحقة الأمنية، كما فيها إعلان ضمني عن امتلاك المحيط واعلاء الصوت.

 أما في المضمون، فاعتبر علوي أن مشاهداته لحظت مخالفات بنيوية لقواعد اللغة المركزية، مثل مخالفة قواعد الاستعارة البلاغية التقليدية عبر ا وجود استعارة من كلمة واحدة مثلاً، وتشكيل عبارات من كلمات ورسوم على حد سواء بشكل غير مألوف في أصول اللغة، إضافة إلى فرض تلازمات بين كلمات لم تكن موجودة سابقاً، كالتلازم بين كلمتي الشعب ويريد.

د. سراج

الدكتور نادر سراج باحث اللغة في الجامعة اللبنانية قدّم في بداية الجلسة الثانية من المؤتمر ورقة تناول فيها قضايا الفضاءات العامة في المدن والعمران العربي، في لبنان ومصر كحالات دراسة تطرق إليها في كتبه، وتحدث عن الجداريات وعن فرض الحقل والميدان اللساني لنفسه على الباحثين والراصدين لهذه التغيرات. كذلك، تطرّق إلى اللغة المستخدمة أثناء الاحتجاجات الشعبية في لبنان، خلال ثورة تشرين 2019 وقبلها أثناء الاحتجاجات على أزمة النفايات في بيروت عام 2016، عن ثنائية الفصحى والعامية في هذه التظاهرات الشعبية. ودعا في نهاية مداخلته إلى تكريس باراديم بحثي خاص للغة الهامش في اللسانيات الاجتماعية العربية. 

د. الحلبي

من جهتها قدمت الباحثة والأستاذة في الجامعة الأمريكية في بيروت الدكتورة زينة الحلبي ورقة ملفتة بعنوان "ّالتنوير دون نوره، الراوي المعاصر ولغة الهامش الأدبية" تناولت فيها اللغة الأدبية الجديدة في المشهد الثقافي الأدبي المصري المعاصر، وبيّنت أن هذه اللغة تلعب لعبة مراوحة في استعادتها للغة تنويرية من أواخر القرن التاسع عشر النهضوي، ولكنها في الوقت عينه تتخلى عن الحمولة التنويرية في هذه اللغة لتبين خواءها كما استخدمتها السلطات المتعاقبة في بلدان المنطقة، تلك السلطات التي اعملت القمع باسم التنوير. كانت اللحظة المدهشة في هذا الورقة هو عرض الحلبي لبيان النائب العام في مصر، ياسر ربيع، في نزعه صفة الكاتب عن الروائي محمد ربيع، بغية رفع الحصانة عنه وإدانته بجريمة خدج الحياء العام في روايته "استخدام الحياة". في هذا البيان المسجّع تمظهرت لغة تنويرية متقادمة وخاوية من تنويرها.

د. الغمري

وكان ختام الجلسة الثانية من النصيب الدكتور خالد الغمري الباحث في جامعة انديانابوليس الأميركية الذي قدّم مداخلةً مكتوبة عرض فيها لسيولة مفهومي الهامش والمتن اللغويين الاجتماعيين في ظل حكم شبكات التواصل الاجتماعي آليات التواصل وخاصة بين الشباب، حيث أصبحت هذه الوسائط الحامل الجديد بدل الجداريات، والمركبات، ولكن بقوانين جديدة، بآليات ضبط أو اتاحة أو مشروعية جديدة.    

Article publié le14/09/2022

Inscription à la newsletter

Pour recevoir toute l'actualité de l'Institut du monde arabe sur les sujets qui vous intéressent

Je m'inscris