
برنامج الموسم الموسيقي للعام 2010-2011
استشيروا البرنامج: لائحة التظاهرات الفنية
ان برنامج هذا الموسم 2010-2011 يقدم لكم شريحة واسعة من التظاهرات الفنية الممثلة تمثيلا حقيقيا للثقافات الموسيقية الكبرى للعالم العربي- الاسلامي والمتوسطي. وهي ثقافات كانت قد ازدهرت في العواصم الكبرى: كبغداد، وحلب، ودمشق،والقاهرة، والقيروان، وتونس، والجزائر، وتلمسان، وفاس، ومراكش...
اذا كان بعض الموسيقيين والأساليب الفنية الابداعية من مشرقية ومغربية قد أثارا اعجاب الجمهور الاوروبي فان ذلك يسعدنا، الا انه لا يكفي. فمن الضروري ان نعرفه على أنواع موسيقية جديدة لا تحظى بنفس الجهد الاستكشافي غالبا، ولا تسلط عليها الأضواء. ولكنها تستحق نفس الاهتمام من طرف المولعين بالموسيقى أينما كانوا. ان حضور بعض المجموعات الموسيقية والفنانين الى باريس يؤكد على صحة خطتنا الهادفة الى التعريف بهذه التظاهرات الموسيقية المجهولة من قبل الجمهور، وكذلك الهادفة الى الاعلاء من شأنها. ولذا فان هذا الموسم يقدم لكم اكتشافات جديدة من أمثال: ريم البنا ، و لينا شماميان، وجميل السايح. هذا بالاضافة الى منشدين جدد قادمين من دمشق من أمثال معتصم بالله عسلي،وعدنان محي الدين الحلاق. ولا ينبغي ان ننسى المطرب الاسطنبولي الكبير دوغان ديكمان، بالاضافة الى فنانين مشهورين كالحلبي عمر سرميني والاذربيجاني عالم قاسيموف. ان هذا الموسم يقدم للجمهور تظاهرات فنية مناسبة ورائعة، مرتكزة على الجماليات الموسيقية، وجمال الانغام والايقاعات، او الحركات والروحانيات. فهناك فنانون قادمون من مختلف أقطار العالم العربي- الاسلامي. وسوف يعزفون أمامكم بعضا من أجمل المقطوعات الموسيقية وأكثرها تأثيرا وجاذبية. وهي مقطوعات مأخوذة من تراثات قديمة غير معروفة ولكنها لا تزال حية في هذه البلدان حيث تجد مصادرها في عدة مناطق من العالم العربي وأماكن أخرى(كالهند وأذربيجان وايران وتركيا واسبانيا الخ..). ان مجمل هذه الحفلات الموسيقية التي ستعرض على مدار الموسم أمامكم تتناول موضوعات عديدة لا موضوعا واحدا. انها شديدة التنوع والاختلاف. فالموسم سوف يبتديء بالنوبة المغربية التي ستعرض في كل نسخها وأشكالها المتنوعة. وهي تدعى بالآلة في المغرب الأقصى، وبالغرناطي ، والصناعة او المألوف في الجزائر.كما وتدعى المألوف في تونس وليبيا. وهذه الموسيقى العربية - الأندلسية هي عبارة عن نوع رفيع المستوى ودنيوي خاص بالمغرب الكبير ومختلف عن الموسيقى العربية الكلاسيكية السائدة في الشرق الأوسط(او المشرق). في الواقع ان النوبة هي وريثة الموسيقى المسيحية لاسبانيا والبرتغال قبل وصول الثقافة العربية - الاسلامية اليهما. كما أنها وريثة الموسيقى الافريقية - البربرية للمغرب الكبير وللتراث الموسيقي العربي الذي نقل في القرن التاسع من بغداد(عاصمة العباسيين آنذاك) الى قرطبة وغرناطة من قبل زرياب على وجه الخصوص.
كان هذا الموسيقار اللامع قد بلور أسس الموسيقى العربية - الأندلسية، ونظم آلاف الأغاني، وأسس دورة النوبات، واخترع أشكالا شعرية جديدة كالموشحات والزجل( ومعلوم ان هذين النوعين كانا أحد مصادر مجموعات الأغاني المعروفة باسم كانتيغاس دو سانتا ماريا التي ألفت في عهد ملك كاستيليا ألفونس العاشر.كما وكانت أحد مصادر موسيقى الفلامنكو الشهيرة وأغاني التروبادور). بعدئذ سوف تخصص سهرات عديدة للصوفية التي طورت مجموعة كاملة من التشكيلات الموسيقية: كالذكر،والحضرة او الوجد، بالاضافة الى رقصات عديدة وسلسلة كاملة من الاشكال الصوتية واللحنية النغمية . ومعلوم ان الصوفية أبدعتها كلها بغية الاسهام في البحث عن الله. ينبغي العلم بان كل ثقافة، وكل طريقة صوفية او كل زاوية دينية كانت قد اخترعت منذ أكثر من ألف سنة مجموعة كاملة وغنية جدا من الشعر الالهي والموسيقى المقدسة. ان بعض أشكال هذه الموسيقى هي التي سيعرضها معهد العالم العربي لجمهوره ،وبخاصة بمعونة مرشدي دمشق: داوود أزد والصوت الرخيم لعائشة رضوان. وأخيرا ينبغي العلم بأن البرمجة تظل مفتوحة أمام الابداع بكل أشكاله. فالارتجال المبدع والتجريب المثمر يظلان المحرك النابض الذي يقف وراء كل هذه المؤلفات الشعرية والموسيقية المبتكرة. كما ويقف وراء هذا الانصهار الحاذق بين الفلامنكو وموسيقى المغرب الكبير، وبين الكلام الحديث وتلك الحوارات التقنية الجارية بين موسيقاريي باريس وبيروت والتي تدمغ بطابعها الحقل الصوتي لمعهد العالم العربي. ينبغي ايضا القول بأن البرمجة تتسع لكي تشمل أناشيد راجستان والايقاعات المسكرة لآيتا المغربية.
ان الموسم الموسيقي للعام 2010-2011 سوف يدعو احدى وثلاثين جوقة موسيقية، وبعضها لم يره أحد حتى الآن في فرنسا. وسواء أكانت هذه الجوقات تقدم التراث القديم ام الاعمال الموسيقية المعاصرة فانها جميعها سوف تتألق بكل براعة على خشبة معهد العالم العربي.
بقلم: محمد مطالسي
مدير النشاطات الثقافية في المعهد